منتدى الجابرية يحي الذكرى
العاشرة لوفاة الشيخ عدون رحمه الله
إشادة واسعة بمسيرة الشيخ
عدون الحافلة بالعطاء ودعوة إلى جمع أعماله
عقدت أفواج الجابريّة بالقرارة ولاية غرداية منتداها
الدوري في طبعاته الثالثة والعشرين، والرابعة والعشرين، والخامسة والعشرين، حيث تم
اصدافة فيه نخبة من علماء الجزائر وهم على التوالي الدكتور مبروك زيد الخير مدير
مشروع المركز الوطني للبحوث في العلوم الإسلامية والحضارة بالأغواط، والأستاذ
الهادي الحسني نائب رئيس تحرير جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين
الجزائريين، والشيخ محمد مكركب عضو جمعية علماء المسلمين الجزائريين، وذلك بمناسبة
الذكرى العاشرة لوفاة الشيخ عدون رحمه الله أحد أعمدة الإصلاح في وادي ميزاب
والجنوب الجزائري .
فبقاعة نادي تواصل الأجيال بدار البعثات العلميّة
البيوضيّة انعقد منتدى الجابريّة في حلقته الثالثة والعشرين أين استضافة الدكتور
مبروك زيد الخير في موضوع الأثر الروحي والعلمي للعلماء في تغيير الفرد والمجتمع،
فأسهب في حديثه عن دور العلم في بناء الحضارة الإسلامية وأن الله خلق الإنسان لأجل
أن يعمر الكون ولكنه أوجده بالعقل الواعي وبوسائل الإدراك التي يحقق بها وجوده
وتستمر بها حياته وأعطى له من العلم ما يضمن أن يبقى في الحياة إلى أعلاه لأن الله
سبحانه وتعالى عليم بكل شيء، وأن الله جعل لنا وسائل الإدراك لندرك بها وأعطانا من
الوحي المنزل ما يؤرخنا ما لم نكن نعلم ولا ندرك فالله ينزل وحيه على أنبيائه وقد
يكون العلم مصدره التجربة والتمحيك لأجل أن نصل به إلى المعارف، كما نوّه إلى أنّ
المسلمين الأوائل بنو حضارة وصلت إلى أوجها بدراستهم لمختلف العلوم وكل الفنون
بواسطة الربط بين الإيمان والعلم، فمثلا الشيخ عدون هو خلف بعد سلف صالح من أمثال
الشيخ بيوض وعلماء هذه المنطقة الذين كانوا منارات اشعاع فنحن نعيش هذه الذكرى
لنتذكر أن المدد العلمي في الحضارة الاسلامية لم يكن مبتوتا ولا مقطوعا ولا منتهيا
بل إن الأجيال على المدى كانت أجيالها تتصل على بعضها البعض .
في حين معهد الحباة العامر احتضن الحلقة الرابعة
والعشرين من منتدى الجابريّة التي كان ضيفها الأستاذ الهادي الحسني أين تحدث حول
الثوابت الوطنيّة في الشيخ عدون رحمه الله حيث بدأ مداخلته بطلب إلى أهله وطلبته
بجمع أعمال الشيخ وخاصة كتاباته في صحف أبي اليقظان لأجل أن تكون مادة علميّة
ومصدرا للباحثين والمؤرخين، لأنه لا يوجد حاليا إلا النزر القليل مما جمع منه،
وبعدها انطلق الأستاذ في سرد خصال ومواقف الشيخ عدون ووطنيته الكبيرة من خلال
كتاباته وجهاده الدعوي والفكري بمعيّة علماء الجزائر أمثال الشيخ بيوض والشيخ أبي
القظان والشيخ عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيم، حيث كان لهم دور كبير في
النهضة الفكرية والحضارية وخاصة إبان الاستعمار الفرنسي، وواصل الأستاذ الهادي
الحسني سرد بعض الحقائق التاريخية حول نزول الاستعمار الفرنسي في الجزائر ومواقف
أبناء الوطن تجاهه وكيف كانت المقاومة في كل مناطق الوطن فكان يُسقط كل هذه
المواقف الثابتة في الشيخ عدون رحمه الله، منوها في نفس الوقت عن عمره الكبير الذي
تعدى الثمانين سنة في ميدان التدريس داخل رحاب معهد الحياة إلى أن وافته المنية
وهو في السنة الثانية بعد المئة من عمره .
كما كان معهد الحياة أيضا مسرحا للحلقة الخامسة والعشرين
من منتدى الجابريّة حيث نزل فيها الشيخ محمد مكركب للتطرق إلى المنهاج التربوي عند
الشيخ عدون، ففي بداية مداخلته عبّر عن سعادته بالتواجد في مدينة القرارة مدينة
العلم وقلعة من قلاع الحضارة مع العمالقة من الأئمة الأحياء والأموات أمثال الشيخ
عدون رحمه الله والشيخ بيوض، فالشيخ عدون كان رئيسا شرفيا لجمعية علماء المسلمين
في أحد الأوقات كما يعتبر من مؤسسي معهد الحياة العامر، فكانت غايته تنشئة جيل موحِّد
وموحَّد، جيل عابِد ومعبِد، وإعداد جيل مخلَّق ومبدع في العلم، فأضحى الشيخ عدون
مدرسة ربانيّة، دعويّة، فقهيّة، فكريّة، تربويّة، أدبيّة، بأتمّ معنى الكلمة، فكان الشيخ
عدون قرآنيا يسري في عروقه، حيث من أسس التربية عنده الوحدة العقائدية التي تعتمد
على القرآن والسنة، إضافة إلى إيمانه العميق أن الكل أبناء آدم فلا أحد يزايد على
أحد مهما كانت صفته، ومن الثوابت أيضا اللغة العربية التي كان يولي لها أهميّة
كبيرة جدا خاصة في تدريسه، دعيا الشيخ محمد مكركب تكون هذه الأسس التربوية في كل
المدارس الوطنية والمناطق الاسلامية .
الناصر الحاج
عشور