الثلاثاء، 8 مايو 2012

إستقبال الربيع في قصور وادي ميزاب ، الزيارة في القرارة


خلعت الطبيعة معطف الشتاء القاسي وحل فصل الربيع بجماله الحسن البديع وبإشراقة الطبيعة وجمالها وبنسمات هوائه العليل، حيث أشعة الشمس الدافئة تداعب الوجوه، ممزوجة بسنفونية زقزقات الطيور وظهرت أحلى وأبدع لوحة ربانية، وعلى غرار باقي العالم  والجزائريين خاصة فإن قصور وادي ميزاب لهم تقاليد متميزة في إستقبال هذا الفصل البديع .

يستقبل أهالي قصور وادي ميزاب في غرداية ووارجلان فصل الربيع من كل سنة بتظاهرت عيد الزيارة، وعرفها الدكتور أبوبكر صالح في مؤلفه "مشاهد الزيارة في القرارة" بأنها عيد وعرف عام في مدن ميزاب ووارجلان تسمى بالميزابية _أزيارة_ ، وتمتدّ ليوم كامل من أحد أيام فصل الربيع، حيث يشتمل برنامج الزيارة على جولة صباحية حول القصر والوقوف على أبرز المعالم التاريخية والأثرية ويكون هذا بعد صلاة الفجر مباشرة، في مسيرة جماعيّة  يتقدمها أشراف القوم من عزابة ودعاة ومصلحين وطلبة علم في منظر رباني وروحاني تعجز الألسنة على وصفه، مع ترديد دعاء مأثور هو : " بسم الله يا الله يا رحمن ، يا رحيم يا الله و ارحمنا " وتسابيح , شاكرين الله تعالى على أن حفظ غلال الخريف وطلب حفظ غلال الربيع ، وداعين الله أيضا أن يحفظ البلدة من كل شر ومن كل الآفات الطبيعية والبشرية، وهم يجولون أهم الأماكن التاريخية للمدينة ويرافقهم عالم أو شيخ عارف بتاريخ تلك المعالم لتقديم شرحا وافيا حول تاريخ تلك الأماكن ورواية أحداثها للاعتبار لا للتقديس ، كما يقومون بزيارة مقابر المدينة ، العتيقة منها و الجديدة ، لـتّرحّم على الأجداد الذين ماتوا تاركين أثارهم لأحفادهم وعلى الأموات جميعا، ، وفي نهاية الجولة توزع الصدقات التي جاد بها المحسنون وأبرزها التمر والحليب، وبعدها يأذن للناس بتناول التمر وشرب الحليب في حلقات عائلية. يتزين الصبيان والفتيات بأبهى الملابس وزهور الربيع، وفي الأمسية تكون هناك ختمة في جميع مساجد القصر وتوزع فيها الصدقات، هكذا إذا تشترك جميع قصور وادي ميزاب في إحياء تظاهرة عيد الزيارة .
وفي بعض القصور المزابية تقام أنشطة ثقافية متنوعة بالمناسبة ، ففي قصر القرارة مثلا تقوم فرق الكشافة الإسلامية لأفواج القرارة باستعراضات معالجة لمظاهر اجتماعية وثقافية وتربوية لتوعية المواطنينن حيث أبدعوا في تقديم أنشطتهم المعبرة والمجسدة لعادات وتقاليد المنطقة.


وفي العادة يكون غذاء الزيارة في البساتين والغابات تحت ظلال الأشجار وأمام مناظر الطبيعة الغناء المتلونة بألوان الأزهار، وفي جلسات عائلية حميمية حيث يلتقي الأهل والأحبة في جو بهيج،  فيتمّ تحضير الوجبات التقليدية تحت نار الحطب وبالأساليب الحضارية القديمة التي تكاد أن تندثر في عصرنا الحالي، في ذكريات الأجداد والسلف الماضي .
يذكر أن التظاهرة تستقطب كثيرا من السياح من داخل الوطن ومن خارجه، لاكتشاف حضارة قصور وادي ميزاب والتراث الذي تزخر منه المنطقة وعادات وتقاليد أهلها.

 الموضوع نشر في جريدة الجزائر الجديدة العدد 1128 ليوم الثلاثاء 08 ماي 2012 الموافق لـ: 16 جمادى الثانية 1433

يمكنكم تحميل الموضوع بصيغة pdf من هنا

هناك 3 تعليقات:

  1. جميلة هذه العادات التي لا تزالون تحافظون عليها
    لن تتصور مدى سعادتي حين أرى وحين أعيش مثل هذه الفعاليات الاجتماعية والتراثية المتمسكة بتاريخنا وثقافتنا..
    شكرا جزيلا على مشاركتنا الأجواء..
    وأدام الله أبناء ميزاب في سعادة وإخاء

    ردحذف
  2. آمين يارب ... أدام الله نعمه علينا وعليكم أخي قاسم .
    لك مني كل التحية والتقدير وأدعوك من هنا لزيارتنا في وادي ميزاب لتشهد بعضا من هذه الفعاليات التراثية والثقافية .
    مودتي لك أخي قاسم .

    ردحذف
  3. ارجو ان تخبروني متى كانت ازياره هاذه السنه

    ردحذف

بارك الله فيك